الصفحـــــــة الرئيـســـــــــة

الجمعة، 29 يونيو 2012

تكست - العدد 18 - عن القصة القصيرة رؤية عدنان المبارك من العراق / الدنمارك


 لم يكن بورخيس محقا حين قال بأن القصة عمل طبيعي وعلى العكس من الرواية التي وجدها فعلا مصطنعا ، ولذا لم يكتب أي رواية. برأيي يخص الأمر طول النفَس وقرار الكاتب نفسه في أن يكتب في جنس أدبي معيّن أو أكثر من واحد. كما أنه شبيه ، هنا ، بسباقات العدو : لمائة متر ، لمائتي ، لأربعمائة ، مارثوني...                                                
إفلاطون جاء بتقسيمه المعروف للفن :  واصف للواقع ومقلد له ، و بعده أخذ أرسطو ، في ( البويطيقا ) ، بمباديء تقسيم الأجناس الأدبية. وفي عصر النهضة أرادوا إغناء قائمة الأجناس هذه.  أما اليوم فكلنا نعرف ( هجينية )ها . ومنحدرالكلمة ( القصة القصيرة short story)  إيطالي (  novella وتعني الجدّة ). وقُصِد بها التأليفات الأدبية التي ليست بالكبيرة وتدور حول حدث رئيسي مرسوم بوضوح . كما هناك الفعل الدرامي المبرَز الذي يسعى صوب نقطة الذروة. ولغاية اليوم كانت القصة القصيرة ذات عقدة واحدة تخص بطلا واحدا وتدور حول حدث واحد أيضا. وللمضمون هنا ( موتيف ) شفاف أسماه الكاتب الألماني باول هيسه Paul Heyse  ب( الصقر ). وكان هيسه  قد أعلن عن نظريته التي أسماها ب( نظرية الصقر ) ، وجاءت ثمرة تحليل قام به لقصة جيوفاني بوكاتشيو ( الصقر ) حيث يجري حدثها في زمكان واحد ، والسارد هنا يتكلم  بطريقة ( موضوعية ) ،  فللحدث علة ومعلول. وفي الواقع كانت ولادة القصة القصيرة في اليونان إلا أن الكثير من عناصرها كان ذا منحدر شرقي حيث يكون السارد مجهول الهوية أو يحمل ضمير الأنا أوغيره أيضا. كل هذا صار ماضيا يبدو الآن سحيقا في القدم....... للمزيد  


النص


هناك أشياء أسوأ من الموت . أميل سيوران

عدنان المبارك

الصباح في الصالة الكبيرة هو نفسه في كل يوم : ضحك وبكاء ونحيب خافت وآخر عال ورقص وألعاب سويدية وبحث عن الصحون والطاسات وصراخ وحركات أياد متشنجة وتلويح ( خالد بن الوليد ) بسيفه الكارتوني ، وخطبة ( صلاح الدين ) بجنده وحرق ( نيرون ) لروما . وهو حرق وهمي بالطبع . الصباح هو أيضا وصول الشمس الى فراش ( نبوخذنصر) وصيحته التي تتكرر كل يوم : لقد بزغ تاجي !، الى أورشليم ! الى أورشليم ! . وفي الركن الذي لا تصله الشمس في النهار يقبع ( عبدالحميد الثاني ) بعينيه الجاحظتين المسمّرة نظراتهما على الحائط المقابل الذي يراه ، وصدق بصره ، ساحة وغى لذباب يواصل التحليق والهبوط والطنين لساعات طويلة. إنه صامت على الدوام عدا بضع لعنات يقرع بها رأس سارق طربوشه الأحمر.......
للمزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق