1
في كلمات أو صفحات قليلة يستطيع القاص أن
يدخلنا تجربة، ننتهي من قراءتها ونحن نشعر أن عالما انفتح أمامنا. ونعيد قراءة
القصة متأملين كيف أنها على الرغم من قصرها أثارت فينا العديد من الدلالات. وأن قصرها
لم يكن عائقا أمامها على أن تشبعنا ولا تدفعنا إلى التفكير في حاجتنا إلى المزيد.
أظن أن هذا ما يحلم به كل كاتب قصة: التكثيف والانفتاح على عالم لا حد له. و في
تلك المفارقة يكمن التحدي الذي يجب على كل قاص أن يخوضه مع كل قصة. وحتى في
المتتاليات القصصية لا يعتمد الكاتب على أن القصة سوف ينقذها من الانهيار علاقتها
ببقية القصص. بل إن كل قصة في هذه الشكل
قائمة بذاتها، تحقق هدفها بنفسها، وداخل حيزها المحدد وإن تلاقت مع بقية قصص
الكتاب في كتابة عالم يشملها جميعا .
في السطور السابقة حاولت مقاربة تعريف للقصة
القصيرة. لكن – كالعادة – تنفلت القصة القصيرة من أي تعريف. وتظل سؤالا مغامرة مع
كل قصة قصيرة نكتبها. في " أصداء السيرة الذاتية" لنجيب محفوظ نقرأ: قال
الأستاذ:
البلاغة سحر . فأمّنا على قوله ورحنا نستبق في ضرب
الأمثال. ثم سرح بي الخيال إلى ماض بعيد يهيم في السذاجة.تذكرت كلمات بسيطة...... للمزيد
النص
المفتاح
منتصر القفاش
مصر
كان يعيش
بمفرده. تزوره ابنته مرة في الأسبوع. تطبخ له طعاما يكفيه حتى زيارتها التالية.
رفض الذهاب للعيش معها. وجد إلحاحها الدائم على أن يأتي معها مجرد كلام. لو كانت
بالفعل تريد انتقاله إلى شقتها لحضر زوجها معها بسيارته، وأصرا على عدم التحرك من
مكانهما إلا إن غادر معهما. لكنها دائما كانت تلح عليه بنبرة توحي بـ " تعالى
معايا ويحصل اللي يحصل ". كانت هي صاحبة الاقتراح بأن يوارب الشباك المطل على
الشارع ليستطيع أحد القفز وفتح الباب له حينما ينسى المفتاح. اضطر لتنفيذ اقتراحها
بعد تكراره كسر شراعة الباب وشرائه زجاجا لها في كل مرة. رفض تثبيت قطعة كرتون
مكان الزجاج المكسور. كان يتحجج دائما باحتمال أن يسافر أو ينتقل إلى الإقامة مع
ابنته. ماذا ستفعل قطعة كرتون في غيابه؟. منذ أن وارب الشباك صار يحس كلما خرج
لشراء شيء أو لزيارة أحد الجيران أو لصرف معاشه بأنه سيعود ليجد الشقة مسروقة. لم
ينشغل بتحديد أي الأشياء في شقته يدعو للسرقة...... للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق