الصفحـــــــة الرئيـســـــــــة

الجمعة، 29 يونيو 2012

لماذا القصة القصيرة؟ شهادة هشام البستاني من الاردن


 

القصة القصيرة هي تحدٍّ جماليٍّ كبير وأدبي كبير. مساحة محدودة ينبغي للكاتب فيها أن يصنع عوالمه وشخصياته داخلها بجماليات عالية محققاً الإدهاش أو التأمل أو كليهما في ذات الوقت. لذلك فهي فن صعب لأنها تتطلب التكثيف والاستعارة والتخييل والكتابة المتعددة الطبقات. انتهت بالنسبة لي القصة المسطحة التي لا تملك أعماقاً رؤيوية أو معرفية أو فلسفية أو وجودية أو جمالية، أو تلك التي لا تطرح زوايا نظر جديدة، او لنقل أنها استفدت. القصة المعاصرة لا علاقة لها بالتقاط "مشهد" كما كان يُقال، بل هي تفجير المشهد وإعادة إنتاج عناصره. القصة المعاصرة ليست تسجيلاً لـ"لقطة"، تلك مهمة الصحفي لا الأديب، الأديب ينفذ من اللقطة إلى عوالم وأعماق وطبقات متعددة. لم يعد يكفي تسجيل العادي، بل صار لازماً سبر أعماقه وإمكاناته وتشعباته. الظواهر لا تقف هكذا في الفراغ، لا تنتج من العدم، هي جزء من سلسلة الوجود، ناتجةٌ عنه ومؤثرة فيه، القصة التي لا تستطيع أن تلتقط ذلك وتحققه من خلال الفعل السردي المتعدد الطبقات والمتعدد الاحتمالات صارت برأيي خارج الأدب. ... للمزيد


 
النص
غيوم الخيانة الماكرة

هشام البستاني

"لماذا يجتاحُنا الكذبُ كوباءٍ لا علاجَ لهُ، يحتلُّ خلايانا، نحملهُ في دمنا، ونُعدي بهِ الآخرين؟ لماذا يحشُرُنا الكذبُ كغيمةِ غازٍ سامٍّ -خارجةٍ من أحلامِ أكيرا كوروساوا- بين استنشاقِهِ أو التمزّقُ على صخورِ الشاطئِ أسفل الهاوية؟"

عندما قال لها هذا كانت غيماتٌ تتسلّلُ في زُرقةِ السّماءِ فأَخَذَ يَعُدُّها: "هذهِ ذئبُ الخديعةِ، وتلك مِسَلَّةُ الرّغباتِ المكبوتةِ، والتي بعدها سكّينُ أفعالنا المُخجلة. آه: هذه وجهي يتقلّبُ وينفردُ ويغدو خفيفاً خفيفاً.. ها قد بانت السماءُ من تحته".

لم يغادر الضبابُ الكثيفُ هِضابَ وجهها، وحتى عندما لَكَزَها أحسَّ بجسدها يمتَصُّ كوعَهُ ولم تلتفت.

[قبلها بيوم]

كانت متألّقةً بفستانٍ أصفرَ، وعندما لامست أصابعهُ مفاتيحَها البيضاءَ والسوداءَ خرجت أصواتُ شخصٍ آخر. لعلّهُ لم يتمرّن جيداً. أعادَ قراءةَ النّوتةِ وحركةَ أصابِعِهِ في عقلهِ مرّاتٍ ومرّاتٍ ثمّ حاول ثانيةً فخرج شخصٌ لا يشبهُ انعكاسهُ في المرآةِ، ثمّ آخرُ، ثمّ آخر
.........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق